Sunday, September 30, 2012

صعود!




ذنبها انها كانت ذرات غبار منثورة فوق شقيقاتها فى ذاك الموقف المخصص لسيارات الاساتذة..طحنتها وكأنها المذنبة,كالعادة عبوس يلف المكان.مسرعا من زخات أمطار الشمس أشعتها على الأرض المسكينة,احتميت بتلك الشجرة وانا اراقب المحيط...وأيقنت كما ادركت عند اول مرة بأن العبوس يلف المكان.
                                                     ****
كعادته يتشاجر طه مع خطيبته عند التقائهما كل اثنين...مافتئت اتذكر يوما التقيا فيه ولم يتشاجرا...كان طه حسن الملامح وسيما.
تجلس هى بعيدة عنه كلما تشاجرا..عابسة تحمل وجهاً تقول فيتو موخرة انديترو بلا ضى...كم حاولت اقناع طه بأنها لاتليق به مع انى لم افصح إلا انه عندما كان يتشاجر معها يرمقنى بنظرات الخجل....
****
وكروتين حياته يمر مسرعا بسيارته المظلمة يغازل كل فتيات الكلية حتى تختلط عليه الامور فيغازل أعمدة الإضاءة بسيارته ينزل غاضبا ليجد أن سيارته لم تتضرر فيركب مجددا ليخيط الطرقات جيئا وذهاباً والمسجل بنعق بأعلى صوته(بلا حب بلا وجع قلب واش جانا من ورا هالحب)محملقا عينيه فى محجريهما يمر أحد (العبسلامات) فى اللبوة فيطأطأ (دون جوان) الطرقات رأسه تحاشيا لسلطان هؤلاء الإمّعة..أترقب الموقف بلهفة,يسلم الله الامور ويكون مجرد تجاوز بسيط..

****
.وبنفس الملابس يجلسون بقيثاراتهم يعزفون ألحانا مختلطة...تارة من تأليفهم وتارة أشياء مستهلكة,ثلاثتهم كان أكبر همومهم الرياء فيعزفون ليجذبو طوبوات الكلية,اقتنعت بأن مفعولهم اللحنى كشريط الذباب اللاصق يجمع ذباباً ليعطيه هلاكاً.

أراقب ساعتى لأجد انه الوقت المنتظر ارفع عينى فى افق الطريق لأرى سيارتها تتهادى,تقترب تصعد روحى إلى أعلى صدرى.
تمر بجانبى أُقذف إلى عاليات السماء وكأن سماء ثامنة قد وُجدت,تركن سيارتها وتهبط لتمر أمامى مشيا,كحبو ملائكة الأطفال.
عندها أكون موقنا بأن اللحظات تمر بطئا,وان طه قد اصبح بعيدا هو والطوبو الذى معه وان اصواتهم تخفت وحيز نظرى فى اتجاههم قد اصبح ضباباً.
دون جوان الطرقات يمر امامى ببطء ولا يتوقف لمضايقتها,ازداد يقينا بأن ليس لكل البشر القدرة على ان ترى الملائكة.
نشاز موسيقاهم,فلم اعد اهتم لان انتقد الالحان ولا تراتبية النوتات لانهم ماعادو ليهموننى بعزفهم الذى اصبح نشازا يصيبنى بالغثيان.
تتقلص الدنيا اسمع قلبى وكأن تكوينى الخلقى اصر بأن قلبى بين اذنى اختنق حيا لاجمع مااستطيع من عطرها داخل رئتى ولا اخرجه اتوق للمس انفاسها فبينى وبين ان المسها ازمان ضوئية.
تتهادى كغاردينيا من باقات الجنة وبكل هدوء سقف السماء تدر زبرجداً وتنطق,نعم انها تنطق(صباح الخير باش مهندس) يفصل بين كل حرف من حروف هذه الجملة ملايين السنين المضيئة,اخشى ان ارد فأعكر صفو الهواء و مزاج السماء و رونقاً تحمله يجمعنى الى اشلاء.
وتمر نعم انها تمر لتقضى يوماً تتجمل فيه عليه بسحرها,وتبعث فيه للرعاع أدباً من حولها,تمر لأرى فجأة طه قد عاد قريبا منى فى مجلسه,ودون جوان قد اكتفى من طوافه,وعازفى الالحان قد اخذوا هوائهم المسمم ورحلوا,واعود لأتأسف لذرات الغبار عن كل الم قد سببته لهن,اعود لامضى مابقى من عمرى محاولا تذوق عطرها وزفيرها وسحرها..!