Friday, October 19, 2012

أمانى قيد التنفيذ!



ندائي لك كغريب يستجدى السراب أن يتحقق
اتحدى كل لحظة ألاف السنين الممزوجة بك
والتى تقطننى
كعذارى الموت
كقبس محقق
وأمانى طفل محموم يهذى
وما عاد الجواب كالجواب كالجواب
تأخذنى الحمم منك لترمينى من أعلى الهرم
لأعلى السماء
ومازلتُ أعتادك
أتنفسك
أعيشك
كتفاصيل ساعٍ يجوب الشوارع فى روتين قاتل
كرقص أولئك الغرباء على نيران القرابين
كعزف أولئك الغرباء على نزف السنين
وما عدتِ كما اعتدتكِ
رمزاً,,,بل رمزان
بل مجموعة طلاسم
يسهل للأعمى قراءتها
انتى ككل الأطياف التى تقطننى
مريحة,,,مرحة
طعمك كنزفِ مزحة على ذراع الغباء
انتى ككل الأشياء من ذكراى الجميلة
انتى كل الحاضر والماض المفروض كعبادة
انتى البقايا من بقاياى
انتى

Saturday, October 6, 2012

فهل من مُنتظِر؟


((ماتراجونيش)),,,,,,,كان يردد هذه الكلمة كلما شاهد الركاب يصعدون للقطار,اتخذ الركن عند الرصيف الأخير من المحطة مخدعا له,,سقفه بطانيةٌ مهترئة تغتصبها الثقوب,,,يفترش الأرض جرائدا حيث كان حريصا على أن يختار الجرائد اليوميةَ التى تُعنى  بالشأن الداخلى والتى تتناول زيارات رئيس الوزراء وأذنابه حتى لا يفوت ان يلقى عليهم التصابيح من ((الدفايل)) وان استلزم الامر فبعض ((البول)) لايضر.
اعرفه جيدا فأنا اراه يوميا منذ 11 عاماً وهو ينتقل من بقعة لأخرى داخل محطة القطار فتارة يسكن خلف العربات المعطلة وتارة يتشاجر مع الأمن حتى لايشوه المنظر العام فالمنظر العام أهم من حياته, وتارة يهدد بإالقاء نفسه أمام القطار ان أحد لمس بقايا الراديو الذى يستمع له.
مذ عرفته وهو يستمع لاذاعة مالطا ودون ملل,مات((وزير الداخلية)) هذا هو الاسم الذى كان يطلقه على كلبه ((الأجرب)) والذى عاش معه لسبع سنوات,
((الجيلانى)) أحد ضحايا حرب تشاد هذا ما اخبرنى أبى عندما سألته عن قصته ولم تكن هذه المعلومة لتسكت جوع الفضول داخلى,
حرصت ان اراقبه ,منذ اعتدت وجوده فى المحطة والجيلانى تفوح منه رائحة ((البوخة)) كان قليل الاكل كثير السُكر والسؤال الذى لطالما شغل تفكيرىمن اين له بنقود ((البوخة)),اتذكر يوما اننى اتيت للمحطة كعادتى فلم اجده صرت كالمجنون ابحث عنه دون اى سبب ومن ثم لاح لناظرى من بعيد يمشى كان يمسك نصف كتاب.
((أوباش الكراسى)) كان اسم الكتاب كان يقرأه ويقهقه كمن يشاهد كوميديا حديثة فجأة توقف فى المنتصف وصاح((ريتو اللى نقرا فيه هدا يحكى على الخنابة والحرايمية والقفقافة زى اللى توا زى اللى زمان,المصيبة ان نص كتاب والباقى مسحت بيه((مؤخرتى)) بعد ماعطيت للطبيعة حقها أصلا مايستاهلوش ان نعرف كل شئ عليهم اوباش,وبنقوللكم راهو حتى اللى ألف الكتاب حرايمى غر حصل فوندو وهرب برا البلاد ودار روحه مثقف,البركة فى ميزانية مصنع العلفا اللى خنبها حتى البهايم ماسلمتش منهم,هالبهايم)).
العجيب فى الامر ان كل رواد المحطة كانو قد اعتادو على وجوده ولم يكن ظله بالثقيل وان عرف كمتشرّد,فى العادة تمسع قصص عوانس المحطة تتناول ((الجيلانى)) فتارة تسمع رواية على انه قتل زوجته بعد ان وجدها مع البواب وجن جنونه,,واخرى بأنه منزوج من جنية ورابطاته وتارة بأنه كان من اصحاب الملايين وقد خانته زوجته مع صديقه الحميم وهربا بكل الثروة,,المثير للسخرية بأن كل القصص تشترك فى عامل واحد وهو الزواج والرجال وكأنهن يعزين انفسهن على مافات من عمر دون رجل وزواج وان القطار مازال لم يحتضن محطاتهن.
((انتى يا تريبية)) صاح الجيلانى فى تلك الاربعينية العانس,لم تلتفت فكرر نفس اللفظ لكن بقليل من الادب((انتى يا ضعيفة)) التفت له فمد يده ((شدّى تزدانك طاح منك,وفتشى باهى لا تقولى الجيلاّ خنبنى وايدبسونى فيك))اخدت منه التزدان بامتعاض بعد ان نظرت اليه نظرة الحقد المتأصل فى قلوب العوانس وزى مانقولو من فوق للوطا,,ضحك الجيلانى وقال((كان مش خلق ربى راهو قلت تجميع صينى,,برى ان شاء الله تلقى وادى تسرحى فيه)).
مافهمتش خيرك مكرز معاى اول مرة تشوف واحد (تشِر)؟
سؤاله كان موجها لى صُعقت لأننى اعتقدت بأننى اراقبه طوال المدة من ركن خفى.
تلعثم يصحبه عرق وانقطاع انفاس,,كان الموقف اصعبا من فلقة استاذ(بشير) رحمة الله عليه مدير الثانوية التى كنت ادرس فيها.
لا  أنا ماهو,راهو خاطم نجى نركب من هنا
خيرك انت منظم فى روحك (حايس) ؟ وحدة وحدة عليك,,قالها وهو يضحك.
هات جنى,كنت قد أخرجت محفظتى ويداى ترتعشان وما كدت افتحها وتصل يداي للنقود حتى اعتقدتُ بأننى تهت وسط مدينة الأبواب باحثا عن (جنى).
كان قد اضطجع و ظهره للحائط وخلفه ملصقات الحملة الانتخابية,,رأيت نظرة غريبة تعلو عينيه عندما شاهد الملصق,استطرد قائلا.
عييت يا راجل قضيت عمرى نراجى وماجى منهم حد وكل ما بنمشى انقول بالك ايجو هما.
من قصدك يا عموّ الجيلانى ؟ عموّ؟؟!! تى اشحط روحك بوك نعرفه راجل,رد على تساؤلى
انت ولد الشيخ صالح ولا؟؟ جاوبت ايه..
فى 87 كنا اخر فصيل قاعد فى انجامينا بعد ما زوى علينا وكلونا التماسيح واليم يم والضباط الكبار كتحوا,شدونا 14 النفر
حبسونا,,وكل مرة ايطلعو واحد يتسلو بيه لين قعدنا 4.
اخر محاولة دارها الطيران بدو يفتحو فى (التناكى) الاحتياط متاع الطيارات ويحرقو فى اليم يم (التشاديين) كانت اخر فرصة خلونا محبوسين وهربو’كنت الاقرب للروشن لان كتفونى عليه ركبتهم بالواحد على ظهرى مش وصلو نقز الاول,,(وزير العمل) توا,,نقز الثانى(نائب وزير اول) نقز الثالث(بزناس وصاحب مصانع فى الصين) ماتلفتوش جيهتى لما طلعو درت روحى كأنى حسيت ان هما ايراجو فيا ولا حتى بيطلعونى,,قلتلهم ماتراجونيش وقعدا نص الكلمة فى رقبتى ما طلعتش اختفو التلاتة.
دارت الشكورطة وتلاقينا بعد يومين فى الجوف.
الحمدلله على السلامة يا جيلانى,,والله راهو حن كيف كنا بـ......
لالا ماهو قلتلكم ماتراجونيش,,عارف حتى انا كنتم بتفتحو عليا.
سرحوهم من الجيش واخذونى انا آمر فصيل وعلقولى فخرية..!
عبو بروحهم اللى قرا وصل وزير واللى خدم لقى روحه فى الصين وانا من التقاعد لموت المرا,,للفلس للعكسة اللى قدامك..(بوخة و عوانس).
لحظة!!!!!!!!!!!
الجيلانى فى من ايكلم؟؟؟ كان يتحدث فى الهواء لشخص ما,كنت اقف وراءه وكان يتحدث وقد أولى الىّ ظهره.
زعمك الجيلانى هبل ولا (عينت) عنده ومكثر.
لالا ماختشتش راهو
مرة أخرى تسرى تلك القشعريرة فى جسدى رهبة رغم ان تساؤلى كان فى السر الا اننى ا سمع الاجابة التى تشفى.
نكلم فيك وعاطى بالظهر لان أنا لما عطيت وجه (للبغولة) ركبو عليا وهربو وما راجونيش,ولأن انا نعرف بأنا وجهى مش وجه قبول.وعيب تشم عليا صنة البوخة,,على أساس مش واضحة الصنة,,بس كانت بادرة لمحاولة اثبات نوع من الادب اللامطلوب منه.
كان يتحدث بمرارة احسست بأنه يعتصر الكلمات حزناً,
ماتخممش راهو نهايتها زوز ميترو قماش وحفرة والدود مزرّد.
وحتى انت رد بالك....رد بالك تراجينى يطلع واحد خير مانحصلو الزوز.,لم أفهم المقصود ومازلتُ حتى لحظتى هذه لم أفهم المقصود.
يوم 22 مارس 2012 توفى عمى الجيلانى,,بعد مقاساة  الفشل الكلوى .
عمى الجيلانى شخصية واقعية والخطاب كذلك واقعى أما النسج فهو خيال.